اعلانك هنا

الأربعاء، يونيو 08، 2011

كيسنجر يرسم انسحابا آمنا من أفغانستان


وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر (الفرنسية-أرشيف)

قال وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في مقال نشره بصحيفة واشنطن بوست إن الولايات المتحدة غزت أفغانستان لمعاقبة حركة طالبان على إيواء تنظيم القاعدة، ثم دخلت في عملية بناء لم تصمد بسبب معارضة الأفغان للوجود العسكري الأجنبي، وعندما قررت القوات الأجنبية المغادرة غرق الوضع في صراعات قبلية متعددة.

وقال كيسنجر إن إدارة الرئيس باراك أوباما الجديدة سرّعت الانسحاب من العراق مع زيادة عدد القوات في أفغانستان، وهو جهد بلغ أقصاه اليوم.
وأضاف أن الهدف المعلن من إنشاء حكومة وأجهزة أمن تتولى مسؤولية الدفاع عن أفغانستان بحلول العام 2014 أصبح على نطاق واسع أمرا غير قابل للتحقيق، وهو التاريخ الذي حددته معظم دول حلف شمال الأطلسي لوقف مشاركتها، كما أن استطلاعات الرأي تظهر أن أكثر من 70% من الأميركيين يعتقدون بأن الولايات المتحدة يجب أن تنسحب من أفغانستان.
كما أوضح أن السعي إلى نموذج بديل قد اتخذ شكل مفاوضات تحت رعاية ألمانية بين ممثلي الملا عمر ومسؤولين أميركيين، وأن معظم المراقبين يعتبرون أن هذه بداية انسحاب صعب، لأن اغتيال بن لادن لا يعوض القتال الحالي عمليا، إذ لا يشكل سوى مجرد فصل رمزي. ومع ذلك فإن التحدي ما زال قائما بشأن كيفية إنهاء جهود واشنطن دون وضع أساس لصراع أوسع نطاقا.
وحدد كيسنجر أربعة شروط لإستراتيجية خروج قابلة للتطبيق وهي: وقف القتال، وانسحاب كل أو معظم القوات الأميركية والمتحالفة، وإنشاء تحالف حكومي يشمل جميع الولايات والأحزاب، ووضع آلية تنفيذ هذه الشروط.
وأكد أن الحفاظ على آلية التنفيذ هو الأمر الأكثر أهمية والأكثر صعوبة، فبعد عقود من الحرب الأهلية لم تعد الأطراف المختلفة تشعر أنها ملزمة بأحكام أي اتفاق، وطالبان تحديدا ستحاول الاستيلاء على الحكومة الائتلافية أو تخرق وقف إطلاق النار، لأنه في حال عدم وجود آلية تنفيذ معقولة فإن التفاوض مع طالبان -التي ستحافظ على قوتها بينما أميركا تنسحب- سيتحول إلى آلية انهيار.
جيران أفغانستان يجب أن يخافوا من وجود حكومة أفغانية تسيطر عليها طالبان أو أي منطقة أخرى تستوحي سياسة طالبان وتطبقها، لأن كل جار سيكون مهددا 
الآلية القاتلةوشرح هذه الآلية القاتلة بقوله إنه كلما كان الانسحاب سريعا كان التفاوض مع طالبان صعبا، ونصح إدارة أوباما بتحديد أولوياتها، ولهذا اقترح آلية تنفيذ تتمثل في قوة أميركية مقيمة وبعض الضمانات الدولية أو الوجود الدولي أو كليهما، ويكون الهدف تحقيق انسحاب كامل ونهائي مع عدم التدخل مرة أخرى وبشكل لا لبس فيه.
وقال كيسنجر إنه على الرغم من أن دور الولايات المتحدة يكون مهيمنا، فإن أفغانستان مشكلة سياسية دولية، وانهزام أكبر قوة عالمية من شأنه أن يعطي زخما للحركات الجهادية العالمية والإقليمية. كما أن هذا سيشجع المسلحين الإسلاميين على تطبيق تكتيكات مماثلة في كشمير أو الهند، مثل هجمات 2008 في مومباي.
وأضاف أن جيران أفغانستان يجب أن يخافوا من وجود حكومة أفغانية تسيطر عليها طالبان أو أي منطقة أخرى تستوحي سياسة طالبان وتطبقها، لأن كل جار سيكون مهددا مثل روسيا بمسلميها في الجنوب والصين في مقاطعة شنغيانغ وإيران الشيعية وصراعها مع المسلمين السنة، كما أن إيران قد ترد بتسليح مليشيات شيعية في أفغانستان وهو أمر فعلته في العراق ولبنان.
كما حدد عاملا آخر يعقد مهمة إيجاد إستراتيجية خروج وهو العلاقات الباكستانية الإيرانية المتوترة، وقال إن كل طرف سيدعم الفصائل المعادية للطرف الآخر، وتدخل العوامل العرقية والطائفية لتضغط بدورها، وهذا ما سيجعل الوضع في أفغانستان شبيها بما كان عليه في البلقان قبل الحرب العالمية الأولى.
وأوضح كيسنجر أن مثل هذا السيناريو يهدد جيران أفغانستان قبل أميركا، لهذا لا بد من جهود إقليمية ودبلوماسية ترافق المفاوضات المباشرة مع طالبان، لأنه طالما تتحمل أميركا العبء الأساسي فإن جيران أفغانستان يتجنبون اتخاذ القرارات الصعبة.
مستحيلوأضاف أن الموعد الرسمي النهائي الذي وضعه حلف الأطلسي والموعد الضمني الذي وضعته إدارته والمزاج العام يجعل الاستمرار في حرب أهلية مفتوحة أمرا مستحيلا، لأن الانسحاب الفوري لأسباب رمزية قد يوقع الجميع في الفخ.

وينبغي إجراء دبلوماسية متعددة الأطراف تضمن الأمن الدولي المشترك وذلك بمنع إنشاء مراكز لتدريب الإرهابيين، ولهذا الغرض ينبغي وضع موعد نهائي لتحديد القوة المتبقية، واقترح فترة 18 إلى 24 شهرا مع تخفيضات كبيرة في نهاية هذه العملية.
وختم كيسنجر بأن المؤتمر الإقليمي هو الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تطبق في مفاوضات ثنائية مع حركة طالبان. وإذا اتضح أن العملية صعبة، فعلى الدول المجاورة لأفغانستان في نهاية المطاف أن تواجه العواقب وحدها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق